يشهد قطاع الأعمال الزراعية في مصر مزيجًا من الفرص الواعدة والتحديات الهيكلية التي تحد من قدرته على النمو والتطور. فعلى الرغم من تزايد الاهتمام بالابتكار الزراعي وتبنّي الحلول التكنولوجية الحديثة، لا يزال غياب الإطار التشريعي والتنظيمي الواضح يمثل أحد أبرز العوائق أمام توسّع أنشطة التكنولوجيا الحيوية الزراعية. إذ تواجه الشركات الناشئة والمستثمرون صعوبات في تسجيل الشركات والحصول على براءات الاختراع، فضلًا عن القيود المفروضة على استيراد العينات والمستلزمات الحيوية اللازمة للبحث والتطوير، مما يضعف من قدرتهم على الابتكار والمنافسة.كما يعاني القطاع من مجموعة من التحديات البنيوية، من بينها صِغَر الحيازات الزراعية التي تحد من فرص تطبيق التكنولوجيا الحديثة على نطاق واسع، وضعف البنية التحتية الداعمة لعمليات الإنتاج والتوزيع، إضافة إلى نقص قواعد البيانات الدقيقة والمتكاملة بين الجهات المعنية، وهو ما يؤثر سلبًا في عملية التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرار الاستثماري. وإلى جانب ذلك، يؤدي التركيز المستمر على تصدير المواد الخام دون تطوير سلاسل القيمة والتصنيع الزراعي محليًا إلى فقدان فرص اقتصادية مهمة وتقليل القيمة المضافة الوطنية، في حين تظل مساهمة الابتكار والتكنولوجيا في تعزيز القدرة التنافسية محدودة مقارنة بالإمكانات المتاحة.
هناك خطأ ما !
October 28, 2025

دور التكنولوجيا الحيوية في دعم وتعزيز الأعمال الزراعية في مصر

المقدمة 

تُعد الزراعة أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد المصري، إذ تسهم بما يقارب 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي وتوفر فرص عمل لنحو 18.9% من القوى العاملة، كما تمثل نسبة 32.1% من إجمالي الصادرات السلعية. ومع ذلك، يواجه هذا القطاع تحديات متزايدة ناتجة عن تغير المناخ، ونُدرة الموارد الطبيعية، وارتفاع تكاليف الإنتاج، ما يفرض الحاجة إلى حلول مبتكرة ومستدامة. في هذا السياق، تبرز التكنولوجيا الحيوية الزراعية كأداة واعدة لإحداث نقلة نوعية في الإنتاج الزراعي، من خلال تحسين جودة المحاصيل، وتعزيز كفاءة الموارد، ورفع القيمة المضافة للمنتجات المحلية.

وانطلاقًا من هذه الأهمية، تهدف هذه الورقة السياسية  إلى تحليل واقع قطاع الأعمال الزراعية في مصر، واستعراض أبرز التحديات التي تواجهه، وتقديم مجموعة من البدائل والسياسات المقترحة لدعم نموه واستدامته.

نظرة عامة

يشهد قطاع الأعمال الزراعية في مصر مزيجًا من الفرص الواعدة والتحديات الهيكلية التي تحد من قدرته على النمو والتطور. فعلى الرغم من تزايد الاهتمام بالابتكار الزراعي وتبنّي الحلول التكنولوجية الحديثة، لا يزال غياب الإطار التشريعي والتنظيمي الواضح يمثل أحد أبرز العوائق أمام توسّع أنشطة التكنولوجيا الحيوية الزراعية. إذ تواجه الشركات الناشئة والمستثمرون صعوبات في تسجيل الشركات والحصول على براءات الاختراع، فضلًا عن القيود المفروضة على استيراد العينات والمستلزمات الحيوية اللازمة للبحث والتطوير، مما يضعف من قدرتهم على الابتكار والمنافسة.

كما يعاني القطاع من مجموعة من التحديات البنيوية، من بينها صِغَر الحيازات الزراعية التي تحد من فرص تطبيق التكنولوجيا الحديثة على نطاق واسع، وضعف البنية التحتية الداعمة لعمليات الإنتاج والتوزيع، إضافة إلى نقص قواعد البيانات الدقيقة والمتكاملة بين الجهات المعنية، وهو ما يؤثر سلبًا في عملية التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرار الاستثماري. وإلى جانب ذلك، يؤدي التركيز المستمر على تصدير المواد الخام دون تطوير سلاسل القيمة والتصنيع الزراعي محليًا إلى فقدان فرص اقتصادية مهمة وتقليل القيمة المضافة الوطنية، في حين تظل مساهمة الابتكار والتكنولوجيا في تعزيز القدرة التنافسية محدودة مقارنة بالإمكانات المتاحة.

الخاتمة

يمثل تطوير قطاع التكنولوجيا الحيوية الزراعية خطوة محورية نحو تعزيز كفاءة الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي في مصر. فتبني إصلاحات تشريعية وتنظيمية متكاملة، مع تمكين القطاع الخاص والبحث العلمي، من شأنه أن يخلق بيئة داعمة للابتكار ويزيد من جاذبية الاستثمار في هذا المجال. إن الدمج بين الزراعة والصناعة الحيوية والتوسع في التصنيع الزراعي محليًا سيسهم في رفع القيمة المضافة وتحقيق التنمية المستدامة. ومن ثمّ، فإن تفعيل السياسات المقترحة ضمن هذه الورقة يشكل ركيزة أساسية لتحويل القطاع الزراعي من نشاط تقليدي إلى محرك رئيسي للنمو الاقتصادي الأخضر في مصر.

شاهد المزيد